ادب الرحلات ـ رحلة محمود البدوى إلى روسيا سنة 1973 ـ المكتبة الالكترونية المجانية
سافر محمود البدوى إلى موسكو فى صميم الشتاء " فى العاشر من شهر يناير 1973 " فى رحلة ثقافية بصحبة الشاعرين محمود حسن اسماعيل وصلاح عبد الصبور والأديب حلمى مراد . وحينما عاد كتب مقالتين نشرهما فى مجلة الثقافة الأولى بعنوان " فى بيت تشيكوف " والثانية تحت عنوان " إلى منزل بوشكين " يقول فيهما
الجمعة، ١٧ أبريل ٢٠١٥
السبت، ١ ديسمبر ٢٠٠٧
الجمعة، ٣٠ نوفمبر ٢٠٠٧
موسكو
شارع رئيسى فى موسكو
موسكو مدينة ضخمة ليس بها زحام
موسكو مدينة ضخمة وسكانها ثمانية ملايين نسمة ، ولكن ليس بها زحام ..
إن المتجول فى شوارعها يحس بالراحة والبهجة ، لأنه يتحرك بحرية وانطلاق على الأرصفة ، فلا زحام ولا شبه زحام حتى فى أثناء ساعات العمل فى النهار ..
ان شوارع موسكو واسعة جدا .. والمترو الذى ينطلق تحت الأرض كالسهم .. يبلع فى جوفه يوميا خمسة ملايين من السكان فلا تراهم على ظهر المدينة إلا فى دقائق قليلة عابرة تمر كما يمر السحاب ..
ان المدينة قديمة وعمرها أكثر من 800 سنة وعديمة النظير فى الاتساع ورقعتها الرحبة تجعلك تحس وأنت تمشى بين ربوعها كأنك تتحرك فى ضاحية قليلة السكان ..
فى أشد ساعات النهار والليل حركة ، وهى وقت انتهاء العمل فى المكاتب ، تشعر بحركة على الأرصفة وفى الأنفاق ، الرجال والنساء فى المعاطف والشيلان ، وبأيديهم القفازات ، يسرعون إلى محلات الأغذية للتسوق .. ويقفون على محطات الأتوبيس والتروللى والترام فى طوابير ، أو يهبطون إلى المترو تحت الأرض على السلالم الكهربائية فى حركة سريعة منتظمة ..
وفى الشتاء تغرق المدينة فى ندف الثلج البيضاء التى تكسو سطوح المنازل ، وتغطى فروع الأشجار ، وأسلاك الكهرباء وتملأ جانبى الطريق بكتل بيضاء كندف القطن ..
وفى هذه الدوامة الثلجية يظل وسط الشارع ، وطريق المرور ، أسود لامعا أشبه ببساط الحرير ، لأن الجرافات جرفته وتظل تجرفه كلما سقط الثلج وتناثر ..
وفى الليل ترى المدينة تتلألأ بالأنوار القوية الزاهية .. تحس بها كأنها تسبح فى بحر لجى من النور ليس له نهاية ..
ان الليل هناك جميل وممتع ، وعندما تتساقط قطع الثلج البيضاء ، وتغطى كل شىء حولك يغدو النور أكثر بهجة ، وأشد اشعاعا وأمتع للناظر وأجمل ..
والثلج الذى يتراكم فى الشارع يصبح كالرمل الأبيض الناعم الذى يغوص فيه القدم .. ولكنه يسهل التخلص منه بسهولة كما يسهل السير فيه ..
وإذا غطى معطفك أو حذاءك ، فانك تنفضه فى ثوان ، ويعود كل شىء كما كان .
***
قصر الكريملين
ان موسكو التى بها بيت " تشيكوف " ومنزل " تولستوى " كما فيها " قصر الكرملين " تعد أعظم مدينة روسية على الاطلاق ..
بل هى أجمل وأنظف مدينة فى أوربا قاطبة ..
مدينة واسعة ضخمة تبسط ذراعيها فى الطول والعرض إلى أقصاهما .. وتحس مع التنافر فى مبانيها ، وعدم التناسق فى عماراتها .. أنها قامت لتكون هكذا من طراز فريد نادر المثال ..
ان لون المبانى يختلف جدا حتى فى الشارع الواحد .. فمن أصفر إلى برتقالى .. ثم أحمر .. ثم إلى سنجابى .. ثم أبيض مشربا بالزرقة .. وناصع البياض ..
فندق أوكرانيا
ان فندق " اوكرانيا " الذى شاهدته عن قرب .. وهو طراز فريد فى فن العمارة ، له ستة نظائر أخرى من طرازه فى المدينة ..
وما أكثر الفنادق الحديثة الطراز هناك ، وأحدثها جميعا فندق " روسيا " الضخم الذى يضم بين جنباته 5700 حجرة على أحدث طراز للفنادق ..
ولكن " أوكرانيا " القديم يفوقه فخامة وروعة .. انه طراز فريد لايأتى بمثله مهندس فى فن العمارة ..
انه شامخ ، وتشعر وأنت تلج حجراته ، انك تعيش فى عهد الفخامة المعمارية أيام القياصرة ..
موسكو مدينة ضخمة ليس بها زحام
يقول محمود البدوى فى مجلة الثقافة المصرية " العدد السادس ـ مارس 1974
موسكو مدينة ضخمة وسكانها ثمانية ملايين نسمة ، ولكن ليس بها زحام ..
إن المتجول فى شوارعها يحس بالراحة والبهجة ، لأنه يتحرك بحرية وانطلاق على الأرصفة ، فلا زحام ولا شبه زحام حتى فى أثناء ساعات العمل فى النهار ..
ان شوارع موسكو واسعة جدا .. والمترو الذى ينطلق تحت الأرض كالسهم .. يبلع فى جوفه يوميا خمسة ملايين من السكان فلا تراهم على ظهر المدينة إلا فى دقائق قليلة عابرة تمر كما يمر السحاب ..
ان المدينة قديمة وعمرها أكثر من 800 سنة وعديمة النظير فى الاتساع ورقعتها الرحبة تجعلك تحس وأنت تمشى بين ربوعها كأنك تتحرك فى ضاحية قليلة السكان ..
فى أشد ساعات النهار والليل حركة ، وهى وقت انتهاء العمل فى المكاتب ، تشعر بحركة على الأرصفة وفى الأنفاق ، الرجال والنساء فى المعاطف والشيلان ، وبأيديهم القفازات ، يسرعون إلى محلات الأغذية للتسوق .. ويقفون على محطات الأتوبيس والتروللى والترام فى طوابير ، أو يهبطون إلى المترو تحت الأرض على السلالم الكهربائية فى حركة سريعة منتظمة ..
وفى الشتاء تغرق المدينة فى ندف الثلج البيضاء التى تكسو سطوح المنازل ، وتغطى فروع الأشجار ، وأسلاك الكهرباء وتملأ جانبى الطريق بكتل بيضاء كندف القطن ..
وفى هذه الدوامة الثلجية يظل وسط الشارع ، وطريق المرور ، أسود لامعا أشبه ببساط الحرير ، لأن الجرافات جرفته وتظل تجرفه كلما سقط الثلج وتناثر ..
وفى الليل ترى المدينة تتلألأ بالأنوار القوية الزاهية .. تحس بها كأنها تسبح فى بحر لجى من النور ليس له نهاية ..
ان الليل هناك جميل وممتع ، وعندما تتساقط قطع الثلج البيضاء ، وتغطى كل شىء حولك يغدو النور أكثر بهجة ، وأشد اشعاعا وأمتع للناظر وأجمل ..
والثلج الذى يتراكم فى الشارع يصبح كالرمل الأبيض الناعم الذى يغوص فيه القدم .. ولكنه يسهل التخلص منه بسهولة كما يسهل السير فيه ..
وإذا غطى معطفك أو حذاءك ، فانك تنفضه فى ثوان ، ويعود كل شىء كما كان .
***
قصر الكريملين
ان موسكو التى بها بيت " تشيكوف " ومنزل " تولستوى " كما فيها " قصر الكرملين " تعد أعظم مدينة روسية على الاطلاق ..
بل هى أجمل وأنظف مدينة فى أوربا قاطبة ..
مدينة واسعة ضخمة تبسط ذراعيها فى الطول والعرض إلى أقصاهما .. وتحس مع التنافر فى مبانيها ، وعدم التناسق فى عماراتها .. أنها قامت لتكون هكذا من طراز فريد نادر المثال ..
ان لون المبانى يختلف جدا حتى فى الشارع الواحد .. فمن أصفر إلى برتقالى .. ثم أحمر .. ثم إلى سنجابى .. ثم أبيض مشربا بالزرقة .. وناصع البياض ..
فندق أوكرانيا
ان فندق " اوكرانيا " الذى شاهدته عن قرب .. وهو طراز فريد فى فن العمارة ، له ستة نظائر أخرى من طرازه فى المدينة ..
وما أكثر الفنادق الحديثة الطراز هناك ، وأحدثها جميعا فندق " روسيا " الضخم الذى يضم بين جنباته 5700 حجرة على أحدث طراز للفنادق ..
ولكن " أوكرانيا " القديم يفوقه فخامة وروعة .. انه طراز فريد لايأتى بمثله مهندس فى فن العمارة ..
انه شامخ ، وتشعر وأنت تلج حجراته ، انك تعيش فى عهد الفخامة المعمارية أيام القياصرة ..
النظام الصارم
النظام الصارم
ان الطابع العام لموسكو هو النظام .. والطوابير فى كل مكان .. طوابير على محطات الأتوبيس ، وطوابير فى المتاجر .. وطوابير على شبابيك المسارح والملاهى .. وطوابير على المقاصف " البوفيهات " التى تقدم المشروبات الساخنة والطعام الخفيف ، طوابير راضية بالنظام لأنها تعودت عليه وألفته ، واستراحت إليه ..
وفى الجوم Gum " المتجر الكبير " حاول المرافق الروسى أن يتخطى مكانه من الصف لأنه يرافق ضيوفا .. فثار عليه الجمهور وأرجعه إلى مكانه ..
وقد أعجبتنى هذه اليقظة والتمسك بالنظام ..
وفى " الجوم " كل ما يبغيه الإنسان من الإبرة إلى الصاروخ كما يقولون ، وهو بناء ضخم من طراز قديم تتوه فيه وتضل فى طرقاته ، ولا مبالغة فى هذا القول ..
وهو شديد الزحام ، ويمكنك على مدى ساعة واحدة أن ترى فى طرقاته كل الوجوه والسحن الروسية .. ويدخل من أبوابه 85 مليون شخص على الأقل فى الشهر الواحد ..
وترى فيه النساء ضعف عدد الرجال ، وهن يتزاحمن بالمناكب ، ويمشين فى سرعة ، وكلهن فى المعاطف الثقيلة ، وعلى رءوسهن القبعات الزرقاء والشهباء ، مما يكسبهن أناقة وحسنا ..
وجمال الروسية أشد ما يكون فى صفاء عينيها .. وما فيهما من بريق مشع ، وجاذبية آسرة ، وفيهما الزرقة والخضرة .. ولون الياقوت ولون الزبرجد ، وترى فيهما الشهوة ، كما ترى فيهما البراءة والصفاء النادر ..
والعاملات فى " الجوم " وفى غيره من المتاجر لايعرفن غير الروسية ، والتفاهم معهن صعب ولا تنفع الإشارة فى كل الأحوال ..
والإنسان الذى يجيد ثلاث لغات قد يعتز بنفسه ويغتر .. ولكنه عندما يذهب إلى روسيا يشعر بالنقص الشديد ، ويشعر بأن الحياة العصرية تقتضيه بأن يجيد سبع لغات على الأقل ، والمرء يقف حائرا فى بهو الفندق ، وهو يسمع لغات كثيرة لايعرفها ولا يفهمها ، ويشعر بالأسف .. وقد تكون الأسبانية حيث عاش العرب وأوجدوا حضارة عظيمة ..
وفى نهار طلعت شمسه .. توجهت إلى مكتبة كبيرة لأشترى صورا " لتشيكوف " وراعنى النظام والتنسيق ، ورخص أسعار الكتب ، والزحام الشديد فى المكتبة ، فالروسى قارىء نهم ليس له ضريب .
ان الطابع العام لموسكو هو النظام .. والطوابير فى كل مكان .. طوابير على محطات الأتوبيس ، وطوابير فى المتاجر .. وطوابير على شبابيك المسارح والملاهى .. وطوابير على المقاصف " البوفيهات " التى تقدم المشروبات الساخنة والطعام الخفيف ، طوابير راضية بالنظام لأنها تعودت عليه وألفته ، واستراحت إليه ..
وفى الجوم Gum " المتجر الكبير " حاول المرافق الروسى أن يتخطى مكانه من الصف لأنه يرافق ضيوفا .. فثار عليه الجمهور وأرجعه إلى مكانه ..
وقد أعجبتنى هذه اليقظة والتمسك بالنظام ..
وفى " الجوم " كل ما يبغيه الإنسان من الإبرة إلى الصاروخ كما يقولون ، وهو بناء ضخم من طراز قديم تتوه فيه وتضل فى طرقاته ، ولا مبالغة فى هذا القول ..
وهو شديد الزحام ، ويمكنك على مدى ساعة واحدة أن ترى فى طرقاته كل الوجوه والسحن الروسية .. ويدخل من أبوابه 85 مليون شخص على الأقل فى الشهر الواحد ..
وترى فيه النساء ضعف عدد الرجال ، وهن يتزاحمن بالمناكب ، ويمشين فى سرعة ، وكلهن فى المعاطف الثقيلة ، وعلى رءوسهن القبعات الزرقاء والشهباء ، مما يكسبهن أناقة وحسنا ..
وجمال الروسية أشد ما يكون فى صفاء عينيها .. وما فيهما من بريق مشع ، وجاذبية آسرة ، وفيهما الزرقة والخضرة .. ولون الياقوت ولون الزبرجد ، وترى فيهما الشهوة ، كما ترى فيهما البراءة والصفاء النادر ..
والعاملات فى " الجوم " وفى غيره من المتاجر لايعرفن غير الروسية ، والتفاهم معهن صعب ولا تنفع الإشارة فى كل الأحوال ..
والإنسان الذى يجيد ثلاث لغات قد يعتز بنفسه ويغتر .. ولكنه عندما يذهب إلى روسيا يشعر بالنقص الشديد ، ويشعر بأن الحياة العصرية تقتضيه بأن يجيد سبع لغات على الأقل ، والمرء يقف حائرا فى بهو الفندق ، وهو يسمع لغات كثيرة لايعرفها ولا يفهمها ، ويشعر بالأسف .. وقد تكون الأسبانية حيث عاش العرب وأوجدوا حضارة عظيمة ..
وفى نهار طلعت شمسه .. توجهت إلى مكتبة كبيرة لأشترى صورا " لتشيكوف " وراعنى النظام والتنسيق ، ورخص أسعار الكتب ، والزحام الشديد فى المكتبة ، فالروسى قارىء نهم ليس له ضريب .
الشمس الخادعة
الشمس الخادعة
لما فتح باب الطائرة ، ووقفنا على السلم ، كانت الشمس فى موسكو مشرقة ، وتبدو للناظر أنها حامية .. فقد كنا فى منتصف النهار ، ولكن بعد أن تهبط درجة واحدة على السلم تحس بأن سيفا حاميا من البرد يجز عنقك .. برد لايوصف عشرون درجة تحت الصفر تواجهك مرة واحدة ، دون تدرج ، فمن التكييف والجو الساخن فى داخل الطائرة ، إلى الزمهرير القاتل فى الخارج ..
وتهبط السلم فى هذا الجو القارس ، ولكنك لاتمضى طويلا إذ أن بناء المطار قريب ..
وتدخل فى ساحة رحبة مكيفة وأنيقة وتمر ببوليس المطار " الجوازات " وهم جميعا من الشباب فى سن متقاربة ، وملابسهم زرقاء فاتحة ، وأنيقة للغاية .. ووجوههم وسيمة .. ويأخذ منك جواز السفر ويدون ما عليه فى صمت ودقة .. ثم يفتح لك الباب بحركة أوتوماتيكية .. واحد .. واحد..
وفى الجمرك تجد السماحة .. فلم تفتح حقيبة واحدة ..
وعلى باب الخروج يواجهك البرد العاصف مرة أخرى ، وترى الثلج يغطى الأرصفة والحدائق ، ويعلق بأوراق الشجر ولكنك لاتراه فى وسط الطريق ..
وتركب سيارة مكيفة ، وتمرق بك فى طريق لاحب ، وسط الثلوج ، والسماء الشهباء ، والبيوت مختلف الوانها .. ودخان المصانع تراه من بعيد يتلوى ثم يذهب بددا .. ويذوب فى البرودة الشديدة ..
وتقترب من المدينة الضخمة .. بعد نصف ساعة من السير السريع الذى لاتعترضه علامات المرور إلا قليلا ، ولا تشاهد شخصا يعبر الشارع .. فالعبور من الأنفاق ، وتلاحظ اتساع الشوارع ، واختلاف الوان المبانى وتباين طرازها .. وترى المتاجر على الصفين ، ولكن طريقة عرض البضائع لاتجعلك تستطيع أن تميزها من بعيد .. ولا تغريك عن قرب .. انها طريقة ليس فيها فن العرض ولا روعته .. فهى لاتجذب العابر ، ولا تشده إلى الدخول فى المتجر ..
وتدخل المتجر كأنك تدخل بيتا .. وتصعد سلالم أربعة أو خمسة وتدفع الباب ، وبعده تجد بابا آخر ، وتحس بعد الباب الثانى بالدفء .. والدكاكين كلها مكيفة الهواء .. وفى كل قسم خزانة ، ولكنك ستلاقى المتاعب الجمة إذا كنت لاتعرف الروسية .. لأنك لاتستطيع التفاهم مع العاملات ..
وترى الزحام فى داخل المتاجر .. فى الليل والنهار .. فالجمهور يرتادها بكثرة بعد ساعات العمل ..
لما فتح باب الطائرة ، ووقفنا على السلم ، كانت الشمس فى موسكو مشرقة ، وتبدو للناظر أنها حامية .. فقد كنا فى منتصف النهار ، ولكن بعد أن تهبط درجة واحدة على السلم تحس بأن سيفا حاميا من البرد يجز عنقك .. برد لايوصف عشرون درجة تحت الصفر تواجهك مرة واحدة ، دون تدرج ، فمن التكييف والجو الساخن فى داخل الطائرة ، إلى الزمهرير القاتل فى الخارج ..
وتهبط السلم فى هذا الجو القارس ، ولكنك لاتمضى طويلا إذ أن بناء المطار قريب ..
وتدخل فى ساحة رحبة مكيفة وأنيقة وتمر ببوليس المطار " الجوازات " وهم جميعا من الشباب فى سن متقاربة ، وملابسهم زرقاء فاتحة ، وأنيقة للغاية .. ووجوههم وسيمة .. ويأخذ منك جواز السفر ويدون ما عليه فى صمت ودقة .. ثم يفتح لك الباب بحركة أوتوماتيكية .. واحد .. واحد..
وفى الجمرك تجد السماحة .. فلم تفتح حقيبة واحدة ..
وعلى باب الخروج يواجهك البرد العاصف مرة أخرى ، وترى الثلج يغطى الأرصفة والحدائق ، ويعلق بأوراق الشجر ولكنك لاتراه فى وسط الطريق ..
وتركب سيارة مكيفة ، وتمرق بك فى طريق لاحب ، وسط الثلوج ، والسماء الشهباء ، والبيوت مختلف الوانها .. ودخان المصانع تراه من بعيد يتلوى ثم يذهب بددا .. ويذوب فى البرودة الشديدة ..
وتقترب من المدينة الضخمة .. بعد نصف ساعة من السير السريع الذى لاتعترضه علامات المرور إلا قليلا ، ولا تشاهد شخصا يعبر الشارع .. فالعبور من الأنفاق ، وتلاحظ اتساع الشوارع ، واختلاف الوان المبانى وتباين طرازها .. وترى المتاجر على الصفين ، ولكن طريقة عرض البضائع لاتجعلك تستطيع أن تميزها من بعيد .. ولا تغريك عن قرب .. انها طريقة ليس فيها فن العرض ولا روعته .. فهى لاتجذب العابر ، ولا تشده إلى الدخول فى المتجر ..
وتدخل المتجر كأنك تدخل بيتا .. وتصعد سلالم أربعة أو خمسة وتدفع الباب ، وبعده تجد بابا آخر ، وتحس بعد الباب الثانى بالدفء .. والدكاكين كلها مكيفة الهواء .. وفى كل قسم خزانة ، ولكنك ستلاقى المتاعب الجمة إذا كنت لاتعرف الروسية .. لأنك لاتستطيع التفاهم مع العاملات ..
وترى الزحام فى داخل المتاجر .. فى الليل والنهار .. فالجمهور يرتادها بكثرة بعد ساعات العمل ..
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)