الجمعة، ٣٠ نوفمبر ٢٠٠٧

موسكو

شارع رئيسى فى موسكو

موسكو مدينة ضخمة ليس بها زحام


يقول محمود البدوى فى مجلة الثقافة المصرية " العدد السادس ـ مارس 1974



موسكو مدينة ضخمة وسكانها ثمانية ملايين نسمة ، ولكن ليس بها زحام ..

إن المتجول فى شوارعها يحس بالراحة والبهجة ، لأنه يتحرك بحرية وانطلاق على الأرصفة ، فلا زحام ولا شبه زحام حتى فى أثناء ساعات العمل فى النهار ..

ان شوارع موسكو واسعة جدا .. والمترو الذى ينطلق تحت الأرض كالسهم .. يبلع فى جوفه يوميا خمسة ملايين من السكان فلا تراهم على ظهر المدينة إلا فى دقائق قليلة عابرة تمر كما يمر السحاب ..

ان المدينة قديمة وعمرها أكثر من 800 سنة وعديمة النظير فى الاتساع ورقعتها الرحبة تجعلك تحس وأنت تمشى بين ربوعها كأنك تتحرك فى ضاحية قليلة السكان ..

فى أشد ساعات النهار والليل حركة ، وهى وقت انتهاء العمل فى المكاتب ، تشعر بحركة على الأرصفة وفى الأنفاق ، الرجال والنساء فى المعاطف والشيلان ، وبأيديهم القفازات ، يسرعون إلى محلات الأغذية للتسوق .. ويقفون على محطات الأتوبيس والتروللى والترام فى طوابير ، أو يهبطون إلى المترو تحت الأرض على السلالم الكهربائية فى حركة سريعة منتظمة ..

وفى الشتاء تغرق المدينة فى ندف الثلج البيضاء التى تكسو سطوح المنازل ، وتغطى فروع الأشجار ، وأسلاك الكهرباء وتملأ جانبى الطريق بكتل بيضاء كندف القطن ..

وفى هذه الدوامة الثلجية يظل وسط الشارع ، وطريق المرور ، أسود لامعا أشبه ببساط الحرير ، لأن الجرافات جرفته وتظل تجرفه كلما سقط الثلج وتناثر ..

وفى الليل ترى المدينة تتلألأ بالأنوار القوية الزاهية .. تحس بها كأنها تسبح فى بحر لجى من النور ليس له نهاية ..

ان الليل هناك جميل وممتع ، وعندما تتساقط قطع الثلج البيضاء ، وتغطى كل شىء حولك يغدو النور أكثر بهجة ، وأشد اشعاعا وأمتع للناظر وأجمل ..

والثلج الذى يتراكم فى الشارع يصبح كالرمل الأبيض الناعم الذى يغوص فيه القدم .. ولكنه يسهل التخلص منه بسهولة كما يسهل السير فيه ..

وإذا غطى معطفك أو حذاءك ، فانك تنفضه فى ثوان ، ويعود كل شىء كما كان .

***


قصر الكريملين



ان موسكو التى بها بيت " تشيكوف " ومنزل " تولستوى " كما فيها " قصر الكرملين " تعد أعظم مدينة روسية على الاطلاق ..

بل هى أجمل وأنظف مدينة فى أوربا قاطبة ..

مدينة واسعة ضخمة تبسط ذراعيها فى الطول والعرض إلى أقصاهما .. وتحس مع التنافر فى مبانيها ، وعدم التناسق فى عماراتها .. أنها قامت لتكون هكذا من طراز فريد نادر المثال ..

ان لون المبانى يختلف جدا حتى فى الشارع الواحد .. فمن أصفر إلى برتقالى .. ثم أحمر .. ثم إلى سنجابى .. ثم أبيض مشربا بالزرقة .. وناصع البياض ..


فندق أوكرانيا


ان فندق " اوكرانيا " الذى شاهدته عن قرب .. وهو طراز فريد فى فن العمارة ، له ستة نظائر أخرى من طرازه فى المدينة ..

وما أكثر الفنادق الحديثة الطراز هناك ، وأحدثها جميعا فندق " روسيا " الضخم الذى يضم بين جنباته 5700 حجرة على أحدث طراز للفنادق ..

ولكن " أوكرانيا " القديم يفوقه فخامة وروعة .. انه طراز فريد لايأتى بمثله مهندس فى فن العمارة ..

انه شامخ ، وتشعر وأنت تلج حجراته ، انك تعيش فى عهد الفخامة المعمارية أيام القياصرة ..

ليست هناك تعليقات: